ماذا يجري في أثيوبيا؟

ماذا يجري في أثيوبيا؟

 

تساؤلات

ما يحدث في إثيوبيا يثير تساؤلات كثيرة, خاصة ان النزاع طفى فجأة على وجه الماء دون أي انذار مسبق بأن الوضع سينفجر بهذا الشكل السريع والعنيف. وتساءلت مصادر مطلعة حول قدرة رئيس الوزراء آبي أحمد على الإستمرار في  الحكم، وحول بقاء الدولة الإثيوبية في شكلها الحالي .

 

سيرة رئيس الوزراء آبي أحمد

ولد أبي أحمد في أغارو بمدينة جيما بإقليم الأورومو. التحق بالجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو، وشارك في الصراع المسلح عام 1990 ضد حكم نظام منغستو هيلا مريام، وبعد سقوط النظام سنة 1991 التحق رسميًا بالجيش الإثيوبي، ثم انضم إلى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل رتبة عقيد عام 2007.

غادر المخابرات في 2010، وبدأ بالعمل السياسي كعضو في الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، وانتُخب عضوًا بالبرلمان الإثيوبي في 2010، وأُعيد انتخابه في 2015، وأصبح عضوًا في اللجنة التنفيذية لـ”الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، ثم أصبح وزيرًا للعلوم والتكنولوجيا بالحكومة الفيدرالية من 2016 إلى 2017، وأصبح مسؤولًا عن مكتب التنمية والتخطيط العمراني بإقليم أوروميا ثم نائب رئيس إقليم أوروميا نهاية 2016.

اختار ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية أبي أحمد رئيسا للائتلاف مما يجعله رئيسا للوزراء بشكل تلقائي خلفا لرئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين، الذي أعلن استقالته بعد اندلاع أعمال عنف واحتجاجات مناهضة للحكومة بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من عرقية أورومو والحكومة حول ملكية بعض الأراضي، ولكن رقعة المظاهرات اتسعت لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت لمقتل المئات واعتقال الآلاف.

ديانة الرئيس آبي

أبي أحمد والده مسلم من عرقية أورومو، وأمه مسيحية من عرقية أمهرة، ومتزوج من زوجة مسيحية أمهرية. وهو مسيحي من الطائفة البروتوستانتية الخمسينية. يحرص آبي على حضور صلاة الأحد في الكنيسة مع أسرته، زوجته تنتمي إلى نفس الطائفة وهي متدينة وهي عضو في جوقة الكنيسة.

 

Abiy Ahmed during state visit of Reuven Rivlin to Ethiopia, May 2018.jpg
آبي أحمد علي رئيس وزراء أثيوبيا

تيغراي

في خريف 2020 شهد إقليم تيغراي الإثيوبي نزاعا دمويا مع الحكومة المركزية في أديس إبابا. وما تزال أزمة الإقليم مستمرة في وقت يتدفق فيه المزيد من اللاجئين إلى السودان حيث ظروف المخيمات التي يقيمون بها كارثية.

يقع إقليم تيغراي شمال إثيوبيا وهو إقليم صغير، لكنه يتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي كبير في تاريخ إثيوبيا. ويعد الإقليم الغني بالزراعة أحد الوجهات السياحية الهامة في البلاد. كما يضم مراكز تاريخية ودينية مصنفة على قائمة التراث العالمي وفي مقدمتها مدينة أكسوم مهد الكنيسة القبطية الإثيوبية.

وكان النزاع بشأن تيغراي قد عاد للاشتعال، عندما أمر آبي أحمد بشن هجوم على قوات متمردين التيغراي شمال البلاد، وهو ما أدى إلى حرب أودت بحياة الآلاف وشردت أكثر من 1.7 مليون شخص.

 

2021-07-13_13-30-48_619290
خارطة اثيوبيا حيث يظهر اقليم تيغراي

قابلية أي دولة للبقاء

وخلال المعارك منيت القوات الإثيوبية بخسائر “تركت العاصمة أديس أبابا مفتوحة لأي هجوم” وهو ما أجبر آبي أحمد على إعلان “حالة الطوارئ” ودعا السكان لحمل السلاح للدفاع عن المدينة.

وبعد نحو عام على المعارك، لا يزال رئيس الوزراء الإثيوبي يواجه تحديا كبيرا في السيطرة على تيغراي، وهو ما ولد تساؤلات كثيرة حول “قدرته على الحكم”.

إن قابلية أي دولة للبقاء تعتمد على ما إذا كانت القوى المركزية تفوق القوى الانفصالية، حيث تستطيع الجهة المركزية توفير البنية التحتية وتقديم الخدمات، والحفاظ على الحدود بغض النظر عن الانقسامات العرقية أو الاجتماعية.

 

جبهة تحرير شعب تيغراي أعلنت أنها وصلت لمسافة 325 كيلومترا شمال شرق أديس أبابا 

إن التحدي الأساسي الذي يواجه آبي أحمد هو أن “القوى المركزية” لم تستطع ضم جميع القوى المنقسمة في البلاد، حيث لا يزال هناك إضافة إلى تيغراي حركات تمرد أخرى، مع ازدياد في التوترات العرقية والإقليمية، وانتشار خطاب الكراهية بين الجميع.

أدى الصراع في تيغراي إلى نزوح أكثر من مليوني شخص القسم الأكبر منهم وصل إلى السودان
أدى الصراع في تيغراي إلى نزوح أكثر من مليوني شخص

“إثيوبيا أصبحت مصدرا لعدم الاستقرار”

الصراع في تيغراي هو الأكثر زعزعة للاستقرار، وما يواجهه آبي أحمد حاليا هو جيش هائل من المتمردين، يسعى إلى إجراء استفتاء لتحديد مستقبل تيغراي والحصول على الحكم الذاتي.

وزاد خطورة النزاع في تيغراي أنه أتاح لكلا الجانبين تأطير الصراع من منظور عرقي، وهو ما زاد من مخاطر انتشار العنف العرقي.

قوى أجنبية

ويُخشى من اجتذاب الصراع في إثيوبيا إلى تدخلات من قوى أجنبية بما في ذلك الصين ومصر وإرتيريا والسودان وتركيا والإمارات والولايات المتحدة، وهو ما قد يزيد من مخاطر حدوث صراعات وحروب بالوكالة بين قوى إقليلة متنافسة عالميا.

غياب رؤية موحدة

لذلك فإن غياب “رؤية موحدة لكيفية إعادة بناء البلاد، يعني أن مستقبل إثيوبيا في خطر”، وأن الطريق الوحيد لبقاء إثيوبيا عكس ما رسمه آبي أحمد من كونفدرالية فضفاضة، وأنه في حال إعطاء حكم ذاتي لتيغراي فإن هذا قد يعني امتداده للمجتمعات الأخرى الأكبر في البلاد لتطالب بالشيء ذاته.

 

إقرأ أيضاً تسع مجموعات إثيوبية متمردة توحد قواها لإسقاط حكومة أبي أحمد

 

تسع جماعات إثيوبية متمردة

وأعلنت مؤخرا تسع جماعات إثيوبية متمردة، من بينها جبهة تحرير شعب تيغراي، تشكيل تحالف ضد الحكومة الفيدرالية، عقب التصعيد المتزايد في الأيام الأخيرة بعد تهديد مقاتلين موالين للجبهة بالزحف نحو العاصمة أديس أبابا.

وتخوض الحكومة الفيدرالية حربا منذ أكثر من عام في شمال البلاد ضد مقاتلين من جبهة تحرير شعب تيغراي الذين تقدموا في الأشهر الأخيرة إلى ما وراء منطقتهم خصوصا في منطقة أمهرة المجاورة، وفق وكالة فرانس برس.

وقالوا الأربعاء إنهم وصلوا إلى منطقة كيميسي الواقعة على مسافة 325 كيلومترا شمال العاصمة حيث انضموا إلى مقاتلين من جيش تحرير أورومو، وهو جماعة مسلحة من إتنية أورومو شكلوا معها تحالفا في أغسطس.

ولم تستبعد الجماعتان الزحف نحو العاصمة لإسقاط آبي أحمد. ونفت الحكومة أي خسارة ميدانية أو مواجهة أديس أبابا تهديدات.

من جانبها، طلبت الولايات المتحدة الجمعة من الأميركيين الموجودين في إثيوبيا “مغادرة البلاد في أسرع وقت” على وقع “تصاعد” وتيرة النزاع.

ولاحقاً، حذت السويد والنروج حذو الولايات المتحدة في مناشدة رعاياهما مغادرة أثيوبيا.

وكانت جبهة تحرير شعب تيغراي شكلت تحالفا مع مجموعات إتنية وجغرافية أخرى أواخر الثمانينات، قبل إطاحة الحاكم منغيستو هايلي مريم في العام 1991.

الأمم المتحدة تتخوف من حدوث مجاعة واسعة في تيغراي

تداعيات الحرب في إقليم تيغراي خطيرة ليس فقط على إثيوبيا، بل وعلى جيرانها أيضا
تداعيات الحرب في إقليم تيغراي خطيرة

وهذا التحالف الذي عرف بالجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي والذي هيمنت عليه إلى حد كبير جبهة تحرير شعب تيغراي، حكم البلاد بعد ذلك لنحو 30 عاما، قبل قيام حركة احتجاجية أوصلت آبي أحمد إلى السلطة في العام 2018.

 

إقرأ أيضا ماذا يجري في لبنان

 

استبعاد جبهة تيغراي

وبعدما أصبح رئيسا للوزراء، قام آبي أحمد باستبعاد الجبهة تدريجا من السلطة في أديس أبابا.

وكان آبي أحمد الحائز جائزة نوبل للسلام في العام 2019 أعلن الانتصار في 28 نوفمبر 2020 بعدما أرسل جيشه إلى إقليم تيغراي لإطاحة السلطات المنشقة المنبثقة من جبهة تحرير شعب تيغراي بعدما اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية فدرالية.

لكن في يونيو الماضي، استعاد مقاتلون موالون للجبهة الجزء الأكبر من المنطقة وواصلوا هجومهم في إقليمي عفر وأمهرة المجاورين.

ونفت الحكومة في الأيام الأخيرة أي تقدم كبير للمتمردين، مؤكدة أنها ستنتصر في هذه “الحرب الوجودية”.

وما زال الطرفان يتجاهلان دعوات المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار والمفاوضات. ويقوم المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان بزيارة لأديس أبابا منذ الخميس في محاولة لبلورة حل سلمي للنزاع.

وأعلنت حالة طوارئ الثلاثاء لمدة ستة أشهر على الصعيد الوطني، ما يسمح للسلطات بتوقيف أي شخص يشتبه في دعمه “جماعات إرهابية”، بدون أمر قضائي أو تعليق وسائل الإعلام التي “تقدم دعما معنويا بشكل مباشر أو غير مباشر” إلى جبهة تحرير شعب تيغراي.

المصادر

DW

الحرة

ويكيبيديا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top
نحن في خدمتك
Scan the code